responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 197
وَالتَّعْبِيرُ بِ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ دُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلَّذِينَ آمَنُوا، لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُمُ الَّذِينَ الْإِيمَانُ كَالسَّجِيَّةِ لَهُمْ وَالْعَادَةُ الرَّاسِخَةُ الَّتِي تَتَقَوَّمُ بِهَا قَوْمِيَّتُهُمْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [164] .
وَهَاتِهِ الْآيَةُ بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ لِلْعِبَرِ وَالْحُجَجِ النَّاشِئَةِ عَنْ وَصْفِ أَحْوَالِ الْمَخْلُوقَاتِ وَنِعَمِ الْخَالِقِ عَلَى النَّاسِ الْمُبْتَدِئَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ [سُورَة النَّحْل:
17] .
[65]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 65]
وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)
انْتَهَى الْكَلَامُ الْمُعْتَرَضُ بِهِ وَعَادَ الْكَلَامُ إِلَى دَلَائِلِ الِانْفِرَادِ بِالْخَلْقِ مَعَ مَا أُدْمِجَ فِيهِ ذَلِكَ مِنَ التَّذْكِيرِ بِالنِّعَمِ. فَهَذِهِ مِنَّةٌ مِنَ الْمِنَنِ وَعِبْرَةٌ مِنَ الْعِبَرِ وَحُجَّةٌ مِنَ الْحُجَجِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنِ التَّذْكِيرِ بِنِعَمِ اللَّهِ وَالِاعْتِبَارِ بِعَجِيبِ صُنْعِهِ.
عَادَ الْكَلَامُ إِلَى تَعْدَادِ نِعَمٍ جَمَّةٍ وَمَعَهَا مَا فِيهَا مِنَ الْعِبَرِ أَيْضًا جَمْعًا عَجِيبًا بَيْنَ الِاسْتِدْلَالِ وَوَصْلًا لِلْكَلَامِ الْمُفَارِقِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [سُورَة النَّحْل:
16] ، كَمَا عَلِمْتَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. فَكَانَ ذِكْرُ إِنْزَالِ الْمَاءِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ مَسُوقًا مَسَاقَ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ هُنَا مَسُوقٌ مَسَاقَ الِامْتِنَانِ بِنِعْمَةِ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ.
وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ خَالَفَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ النِّعْمَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ [سُورَة النَّحْل: 10] بِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ الْأَوَّلِيِّ، فَهُوَ هُنَا لَك الِاسْتِدْلَالُ بِتَكْوِينِ الْمَاءِ وَهُنَا الِامْتِنَانُ.
وَبِنَاءُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ لِإِفَادَةِ التَّخْصِيصِ، أَيِ اللَّهُ لَا غَيْرُهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً. وَذَلِكَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست